«المطرية».. قلعة صناعة قوارب الصيد على ضفاف بحيرة المنزلة

مع كل صباح، يبدأ محمد خالد شلبى، 30 عامًا، تجهيز عدته لنحت خشب الأشجار فى شكل قوارب صيد مختلفة الأحجام والأشكال مصنعة بإتقان وحرفية، وما إن تراها للوهلة الأولى تعتقد أنها صُنعت فى الخارج، لكن فى الحقيقة أنها إنتاج أيادٍ مصرية داخل قلعة صناعة القوارب والسفن، مدينة المطرية، التابعة لمحافظة الدقهلية.

تصنيع قوارب الصيد فى مدينة المطرية

ما إن تطأ قدماك المدينة التى تقع فى أقصى شمال المحافظة، حتى تجد خلايا نحل لا تكل ولا تمل، الجميع يعمل إما فى صيد الأسماك أو تجهيز وصناعة مستلزمات الصيد، وأهمها القوارب، وذلك نظرًا لموقعها الجغرافى على شاطئ بحيرة المنزلة، والذى جعل لها طابعًا خاصًّا تتميز به عن غيرها.

تصنيع قوارب الصيد فى مدينة المطرية

وتضم منطقة «الصدادة» بمدينة المطرية عددًا كبيرًا من ورش تصنيع قوارب الصيد، المهنة التى توارثتها الأجيال أبًا عن جد، ومن بينهم محمد شلبى، الذى بدأ تعلم نجارة المراكب وهو فى عمر ٨ سنوات، وكانت بداياته فى ورشة والده، وهناك تَشَرّب الصنعة، وأصبح أحد أهم صناعها على مستوى الجمهورية.

يروى «شلبى» رحلة عمله فى مهنة تصنيع القوارب، وقال إن عائلته تعمل فى تلك المهنة منذ عقود طويلة، وشجعه والده على تعلمها لتكون صنعة فى يده بجوار الشهادة العلمية، وعلى الرغم من حصوله على بكالوريوس التجارة، فإنه رفض الوظيفة، وقرر الاستمرار فى هذا المجال وتطويره. وأضاف «شلبى» أن صناعة القوارب تعتمد على مهارة وذكاء الصنايعى، وذلك نظرًا لاختلاف أشكالها وأنواعها حسب مهمتها، فهناك فلوكة صغيرة بالجدافات، وفلوكة أخرى بالمواتير، وقارب معدية، وقارب شراعى، لافتًا إلى أن كل نوع يختلف تصميمه عن الآخر، ويكون له نظام وشكل معين يتماشى مع تواجد الصيادين لفترات طويلة داخل عرض البحر، كما يختلف أيضًا حجمه وشكله حسب عدد العاملين عليه، وهل سيبحر فى مياه عذبة أم مالحة، وفى فترة النهار أم الليل. وأوضح «شلبى» أن مهنة صناعة القوارب تُعتبر حرفة تراثية يدوية، وتعتمد على العنصر البشرى، دون أى تدخل آلى، سوى فى تقطيع خشب الأشجار، وتحتاج دائمًا إلى التطوير للحفاظ عليها، موضحًا أن صناعة المركب تستغرق ما بين يومين إلى 4 أيام للصغير، وأسبوعين للمتوسط، وتكون البداية بتحديد المقاسات والتصميم وعمل مخطط تفصيلى لها، ثم بدء تنفيذ الهيكل الداخلى وتحديد مناطق الارتكاز والعمود الفقرى لها، ثم رص الألواح الداخلية جنبًا إلى جنب، وبعدها يتم تجهيز الهيكل الخارجى وتثبيته بطريقة معينة.

وأشار إلى أنه بعد انتهاء أعمال النجارة، يتم دهان القارب بمادة الفايبر جلاس العازلة، وذلك لحمايته من العوامل الجوية وملوحة المياه والكائنات الحية، مؤكدًا أن صناعة المراكب قديمًا كانت تعتمد على مواد بدائية بسيطة، وكانت تتسبب فى تهالكها بسرعة، لكن مع التطور الحالى تم الاعتماد على مواد عالية الجودة تساعد على زيادة عمر المركب.

وأكد «شلبى» أن آخر مرحلة فى صناعة المراكب هى التزيين، وتتم الاستعانة بخطاطين متخصصين، ويختار العميل الكلمات والتصميم الذى يريده لتكون فى أبهى صورة وجاهزة للإبحار، مؤكدًا أنه على الرغم من صغر عمره، فإنه أصبح من أهم صناع القوارب على مستوى الجمهورية، وله زبائن من جميع المحافظات، كما استطاع أن يُصدِّر قواربه إلى العديد من الدول العربية.

2024-09-07T21:39:51Z dg43tfdfdgfd